عند طباعة العبارتين “علاجات بديلة” (alternative therapies) و”التصلب المتعدد” (multiple sclerosis) في محرك البحث غوغل سيجد المرء الآلاف من المقالات ذات الصلة. ومن المحتمل أن يكون كثير من الأشخاص ذوي التصلب المتعدد قد فعلوا ذلك، حيث أفاد ما يزيد عن 50% من ذوي التصلب المتعدد بأنهم استخدموا العلاجات التكميلية والبديلة في السنة الماضية. ولذلك، فمن المهم أن نفهم ما إذا كانت هذه العلاجات تجدي نفعاً وكيفية ذلك، وما إذا كانت مأمونة، ومدى تداخلها أو تفاعلها مع العلاجات التقليدية.

تعرّف منظمة الصحة العالمية العلاجات التكميلية والبديلة بأنها: “مجموعة واسعة من ممارسات الرعاية الصحية التي لا تعد جزءاً من التقاليد العلاجية في البلد المعني، ولم يتم إدراجها في نظام الرعاية الصحية السائد.” وتشمل هذه العلاجات الأنظمة الغذائية، والتمارين الرياضية، والأدوية الأخرى مثل نبات القنّب، وبعض العلاجات النفسية.

وفي دراسة نشرت في مجلة ” Journal of Neurology, Neurosurgery and Psychiatry (طب الأعصاب وجراحة الأعصاب والطب النفسي) للدكتور سوزي كلافلين، والأستاذ المساعد إنغريد فان دير ماي والبروفيسور بروس تايلور من معهد منزيس للأبحاث الطبية في أستراليا، أجرى المؤلفون مراجعة متعمقة للدراسات العلمية المنشورة ذات الصلة بالعلاجات التكميلية والبديلة. ووُجد أن نسبة صغيرة فقط من الدراسات قد اتسمت بحسن التصميم واستعانت بالمناهج العلمية القوية.

في أوائل عام 2017، استخدم المؤلفون “قاعدة بيانات المنشورات الطبية (Pubmed Database)، التي تصنّف مقالات الأبحاث المنشورة، للبحث عن دراسات حول استخدام العلاجات التكميلية والبديلة في التصلب المتعدد. وقد بلغ عدد الدراسات التي توصلت إليها نتائج البحث 1916 دراسة. ومن بين هذه الدراسات، استوفت 38 دراسة المعايير المُحدَّدة لإدراجها في التحليل، أي أنها كانت ذات تصميم مشابه للتصميم المستخدَم في اختبار الأدوية الجديدة أو العلاجات التقليدية الأخرى. بحثت هذه الدراسات التي يبلغ عددها 38 دراسة بصفة رئيسية آثار نبات القنّب، والأنظمة الغذائية والمُكملات الغذائية، والتمارين الرياضية، والطرق النفسية المتصلة بعلاج التصلب المتعدد.

وقد تمثّل أبرز أوجه القصور في دراسات العلاجات التكميلية والبديلة في قلة عدد الأشخاص المشاركين في الدراسات بشكل ملحوظ. ومن الممكن أن يؤدي ذلك إلى انحراف التحليل الإحصائي ليُفضي إلى نتائج غير صحيحة قد تعود في الحقيقة إلى عوامل أخرى أو إلى الصدفة وحدها.

وهناك مشكلة عامة أخرى تتمثّل في عدم “التعمية”. ويعني ذلك أن المشاركين في الدراسة والباحثين الذين أجْروا القياسات والتقييمات كانوا على علم بما إذا كان المشاركون يتلقون علاجاً فعالاً أو علاجاً وهمياً. وقد يتسبب ذلك في مشكلات في التجربة، حيث يمكن أن يؤثر على سلوك وتوقعات المشاركين والباحثين، وبالتالي يُفضي إلى نتيجة (نتائج) متحيزة.

كما استخدم كثيرٌ من الدراسات معايير مختلفة جداً للنتائج الصحية لتحديد آثار العلاج. وهذا الأمر يجعل من الصعب جداً مقارنة الدراسات ومعرفة ما إذا كانت النتائج متسقة وقابلة للتعميم في سائر الدراسات.

وقد توصلت الأكاديمية الأمريكية للعلوم العصبية إلى النتائج نفسها في مراجعة مماثلة تم نشرها في عام 2014.

وتُظهر الدراستان أن استخدام القنّب والعلاجات النفسية قد يؤدي إلى تحسين نتائج صحية بعينها، ولكن غالبية نتائج الأنواع الأخرى للعلاجات التكميلية والبديلة وجد أنها غير قاطعة.

وتُعد هذه النتائج مخيّبة للآمال حيث يعتقد كثيرٌ من الأفراد المصابين بالتصلب المتعدد أن العلاجات التكميلية والبديلة يمكن أن تساعد في التحكم في المرض وإحداث تغيير في نوعيّة المعيشة. ولكن كما يقول المؤلفون: “لا يعني ذلك أن العلاجات التكميلية والبديلة لا تأثير لها على التصلب المتعدد، ولكن ليس هناك دليل علمي قوي في الوقت الحالي يساند استخدامها.”

ولعلهم بذلك يقترحون أن أحد الحلول يتمثل في إنشاء مجموعة تجريبية للعلاجات التكميلية والبديلة داخل مجتمع أبحاث التصلب المتعدد للاتفاق على تصاميم متسقة للدراسات ومعايير النتائج للمساعدة في تحسين جودة الأدلة.

ويُعدّ التصلب المتعدد مرضاً متنوعاً جداً، وتختلف التجربة الفردية لكل شخص عن غيره. إذا كنتم تفكرون في أخذ علاجات تكميلية وبديلة بدلاً من العلاج التقليدي أو معه، فإننا ننصحكم بمناقشة هذا الأمر مع طبيبكم المُعالِج.