يُعد التصلب المتعدد من الأمراض التي تتسم بالنوبات المتكررة في الدماغ والحبل الشوكي. وفي كثير من البلدان، يتم علاج التصلب المتعدد الانتكاسي بعلاجات معدلة للمرض (DMTs) تعمل على منع الانتكاسات والأضرار التي تحدث للدماغ والحبل الشوكي. وتعظم فائدة هذه الأدوية عندما يتناولها المريض بشكل منتظم وحسب التوصيات الطبية. ويطلق على هذا الأمر الالتزام.

تتنوع الأسباب التي تحمل المرضى على التوقف عن تناول الأدوية أو عدم تناولها حسب التوصيات الطبية. ومن الأمثلة على هذه الأسباب عدم التأكد من فعالية الدواء، أو الانزعاج من الأعراض الجانبية، أو الشعور بالضيق الذي يصاحب العلاج، أو الخوف المرضي من الوخز بالإبر، أو مجرد نسيان الدواء. وفي بعض البلدان، يمكن أن تمثل تكلفة الدواء سببًا آخر.

في دراسة حديثة أجريت في كندا، نُشرت في الدورية [التصلب المتعدد والاختلالات ذات الصلة]، أُجريت دراسة على أثر عدم تناول الدواء حسب التوجيهات الطبية، ووجد أنّ ذلك قد يؤثر ليس فقط على إدارة الحالة الصحية لمرضى التصلب المتعدد، ولكن على الصحة العامة للمريض أيضًا.

وقد قام الباحثون بدراسة حالة 2864 شخصًا من ألبرتا، كندا، ممن كانوا يتناولون مجموعة متنوعة من الأدوية عن طريق الفم (فنغوليمود، وتريفلونومايد، ودايمثيل فومارات) أو عن طريق الحقن، بين عامي 2002 و2014.

ووُجد أن مرضى التصلب المتعدد الذين كانوا ملتزمين بالأنظمة العلاجية كانت احتمالات زيارتهم للطبيب (طبيب عام أو أخصائي) أقل بنسبة 20% من غير الملتزمين. وبشكل أكثر تفصيلاً، كانت احتمالات زيارتهم للطبيب العام لأسباب تتعلق بالتصلب المتعدد أقل بنسبة 30%، واحتمالات زيارتهم للطبيب العام لأي سبب آخر أقل بنسبة 18%. كما أنه بالنسبة للمجموعة الملتزمة، كانت احتمالات زيارة أخصائي (كأخصائي أعصاب) لأسباب تتعلق بالتصلب المتعدد أقل بنسبة 10%، وكانت احتمالات زيارة أخصائي لأي سبب آخر أقل بنسبة 20%، كما كانت احتمالات الحاجة إلى دخول المستشفى لأي سبب أقل بنسبة 50% بالنسبة لهذه المجموعة بالمقارنة بالمرضى الآخرين الذين كانوا لا يتناولون أدويتهم حسب التوصيات الطبية.

وبشكل عام، كان معظم المرضى (حوالي 66%) يتناولون أدويتهم حسب التوجيهات الطبية. أما غير الملتزمين فكان معظمهم من فئة المرضى الأصغر سنًا نسبيًا (< 35 عامًا)، أو الذين يعانون من الاكتئاب، أو الذين يعانون من الاضطرابات ثنائية القطب. أما المجموعات الأكبر سنًا نسبيًا (> 35 عامًا)، والسيدات، والأشخاص الذين يتلقون الدواء عن طريق الحقن، فكانت احتمالات توقفهم كليًا عن تناول الأدوية أكبر نسبيًا.

وخلال الدراسة، لاحظ الباحثون أيضًا أن معظم المرضى الذين كانوا يتناولون الأدوية عن طريق الحقن أو التسريب تحولوا إلى الأدوية التي يتم تناولها عن طريق الفم. أما من كانوا يتناولون الأدوية عن طريق الفم فلم يتحولوا إلى طرق أخرى، وكان المرضى الذين يتحولون إلى الأدوية التي تؤخذ عن طريق الفم أقل ميلاً للتحول إلى طريقة أخرى في تناول الدواء. ومن المثير للاهتمام أنه في حالة تغيير الأدوية، كان يزيد في الغالب التزام المرضى بدرجة طفيفة.

دراسة مشابهة

في دراسة مشابهة وأضيق نطاقًا أُجريت في الولايات المتحدة ونُشرت في مجلة الجمعية الأمريكية للاعتلال العظمي ، وجد الباحثون أن المرضى الذين كانوا يتناولون أدوية التصلب المتعدد حسب التوجيهات الطبية كانت تقلّ عندهم احتمالات الإصابة بالاكتئاب والعجز بالمقارنة بمن كانوا لا يتناولون أدويتهم حسب التوجيهات الطبية.

وتشير هذه الدراسات إلى تحسن القدرة على التعامل مع المشاكل الصحية التي ترتبط بالتصلب المتعدد وتلك التي لا ترتبط بها لدى المرضى الذين يتناولون أدوية التصلب المتعدد حسب التوجيهات الطبية. وعمليًا، يمكن لهذه الدراسة كذلك أن تساعد الأطباء ومرضى التصلب المتعدد في فهم أهمية “الالتزام” وتحديد الأفراد الذين قد يتعرضون لظروف تجعلهم لا يتناولون أدويتهم حسب التوجيهات الطبية. ويمكن للأطباء والمرضى، من خلال فهم هذه الأسباب، اتخاذ قرارات علاجية مناسبة بحيث لا يتم الاقتصار على اختيار الأدوية الأكثر فعالية، وإنما اختيار الدواء الذي يُعد أيسر من غيره من حيث الالتزام به من قبل المريض.

شكر خاص لجمعية أبحاث التصلب المتعدد في أستراليا – المصدر الرئيسي لملخصات الأبحاث على موقعنا الإلكتروني.