في السنوات الأخيرة، حدثت تطورات كبيرة في علاج أكثر أشكال التصلّب المتعدد شيوعًا وهو النوع الانتكاسي الترددي. ومع ذلك، بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من الأشكال المترقّية من التصلّب المتعدد (سواء الأساسية أو الثانوية)، كانت هذه التطورات محدودة. ولم تكلل التجارب التي تختبر العلاجات الحالية للتصلّب المتعدد في الأشخاص ذوي النوع المترقّي بالنجاح إلى حد كبير، باستثناء أوكريفوس، وهو دواء اعتُمد في عددٍ من الدول مؤخرًا لعلاج التصلّب المتعدد المترقّي.

والتفسير الممكن لهذا الأمر هو الاعتقاد بأن الآليات التي ينطوي عليها التصلّب المتعدد المترقّي تختلف تمامًا عن تلك الموجودة في الشكل الانتكاسي الترددي منه؛ حيث إنّ التصلّب المتعدد المترقّي يُظهر وجود دور أقل للجهاز المناعي، ولكنه ينطوي على تردي أكبر في حالة الخلايا العصبية.

ومن بين الجهود المبذولة للعثور على علاج جديد للتصلّب المتعدد المترقّي، اضطلعت مجموعة من العلماء الكنديين بفحص 249 دواء يُستخدم بالفعل لعلاج أمراض أخرى ليعرفوا مدى قدرة أي دواء منها على التأثير في بعض الآليات المصاحبة للتصلّب المتعدد المترقّي. تُعرف هذه الطريقة باسم “إعادة تطويع الدواء” أو “تحوير الدواء”، والتي يتم خلالها الاستفادة من دواء معروف لعلاج مرض مختلف. وتكمن ميزة إعادة التطويع في أن الدواء قد اجتاز بالفعل اختبارات السلامة، وبالتالي من المحتمل أن ينجح في التجارب السريرية وعمليات الاعتماد من قبل الجهات التنظيمية المختصة بصورة أسرع من الدواء الجديد.

العملية

في هذه الدراسة، والتي نُشرت في مجلة [‏Nature Communications‏] العلمية المرموقة، بدأ العلماء بمراجعة 1040 دواء. ثم استبعدوا الأدوية التي لا يمكن تناولها عن طريق الفم ولا تستطيع عبور حاجز الدماغ الدموي، مما قلل العدد إلى 249 دواء. اختبر فريق العمل في الخطوة التالية قدرة الأدوية التي يبلغ عددها 249 على حماية الخلايا العصبية (العصبونات) من مجموعة سيناريوهات تؤدي إلى حدوث أضرار بها. ونتيجة لعملية الاختبار، توصل العلماء إلى 14 دواء قادراً على حماية الخلايا العصبية، وبعد إجراء اختبارات إضافية، قللوا عدد الأدوية ليصبح أربعة. وكانت الخطوة التالية هي التعرف على ما إذا كانت تلك الأدوية الأربعة تستطيع التأثير على خلايا مناعية معينة مشاركة في التصلّب المتعدد المترقّي. قلل ذلك من قائمة الأدوية لتقتصر على دواء وحيد، وهو مضاد الاكتئاب كلوميبرامين.

تمكن فريق البحث بعد ذلك من التقدم خطوة للأمام وإخضاع هذا الدواء الواعد المرشح للاستخدام لتجارب أكثر تعقيدًا وأعلى في التكلفة، وهي التجارب اللازمة لتقييم مدى قدرة كلوميبرامين على إبطاء عملية ترقي المرض.

لاختبار هذه القدرة، استخدم العلماء فئران مصابين بمرض مشابه لنوعين مختلفين من التصلّب المتعدد المترقّي. تمكن كلوميبرامين في كلا النموذجين من تقليل الحدّة السريرية للمرض، والتي تشمل التقليل من ترقّي العجز. تشير هذه النتائج إلى أن هذا الأمر ربما يعود إلى تقليل عدد ونشاط الخلايا المناعية التي تتحرك داخل الدماغ والحبل الشوكي. وكان هناك أيضًا تردي أقل للخلايا العصبية في الحيوانات التي تم معالجتها باستخدام كلوميبرامين.

هذه الدراسة مثيرة للاهتمام؛ ليس فقط لأنها توصلت إلى دواء محتمل يمكن أن يستفيد منه الأشخاص ذوي الأشكال المترقّية من التصلّب المتعدد، ولكنها مثلت أيضًا منهجية دقيقة ومنظمة يمكن استخدامها لفحص مجموعات كبيرة من الأدوية وتحديد الأدوية التي يمكن إعادة تطويعها لعلاج التصلّب المتعدد المترقّي.

وعلى الرغم من أن هذا البحث لم يصل إلى مرحلة التجارب السريرية حتى الآن، فإن حقيقة أن البحث شمل اختبار مركبات معروفة تعني أنه يمكن نقلها من مرحلة الاختبار المعملي إلى التجارب السريرية بسرعة أكبر.

شكر خاص لجمعية أبحاث التصلب المتعدد في أستراليا – المصدر الرئيسي لملخصات الأبحاث على موقعنا الإلكتروني.