• يُعد التصلّب المتعدد المترقّي الأولي أحد أشكال التصلّب المتعدد الأقل شيوعاً، إذ يتراكم فيه العجز منذ بداية المرض بدلاً من ’الهجمات‘ المتقطّعة التي تحدث في حالة التصلب المتعدد الانتكاسي الترددي.
  • وحتى الوقت الحالي، لم تتعرف البحوث على أي تغييرات وراثية محددة لهذا النوع من التصلب المتعدد.
  • وقد حدد اليوم الفحص الوراثي للأشخاص ذوي التصلّب المتعدد المترقّي الأوّلي وجود أربعة تغييرات وراثية نادرة، تُعرف بأنها تُسبب أمراضاً عصبية أخرى، قد تلعب دوراً في التصلّب المتعدد المترقّي الأولي.
  • كما وُجد أن تغيرات جينية متصلة بمرضٍ عصبي يُسمّى الشلل السفلي التشنّجي كانت أكثر شيوعاً لدى الأشخاص ذوي التصلب المتعدد المترقّي.
  • وقد تساعد الاكتشافات الوراثية الجديدة في توفير أدلّة على سبب تطوّر الشكل المترقي الأولي من التصلّب المتعدد عند بعض الأشخاص، وطُرق العلاج المحتمل لإبطاء تراكم العجز أو إيقافه.

وبرغم اكتشاف جينات كثيرة تُساهم في خطر الإصابة بالتصلب المتعدد، إلا أنّ البحوث لم تُحدد بعد الجينات التي ترتبط تحديداً بخطر التعرض للتصلب المتعدد المترقّي الأولي. واليوم، أظهرت دراسة دولية جديدة أن التغييرات النادرة في الجينات التي تُسبب أمراضاً أخرى في الدماغ قد تلعب أيضاً دوراً في التصلب المتعدد الأولي.

ويُعد التصلّب المتعدد المترقّي الأولي شكلاً من أشكال التصلّب المتعدد الأقل شيوعاً، والذي يتراكم فيه العجز منذ بداية ظهور الأعراض. ويميل هذا النوع من التصلب المتعدد إلى أن يُشخّص في مرحلة لاحقة من الحياة مقارنةً بالتصلب المتعدد الانتكاسي الترددي الأكثر شيوعاً. كما أنه يؤثّر في كل من الرجال والنساء على حد سواء، بينما يؤثّر التصلب المتعدد الانتكاسي في النساء بشكلٍ أكبر من الرجال بمقدار الثُلثين. وحتى تاريخه، لم تظهر أي أدلّة على سبب تطوّر الأشكال المترقّية من التصلب المتعدد عند بعض الأشخاص.

وقد طرح عدد كبير من الدراسات الدولية سؤالاً حول مدى تأثير جينات شخصٍ ما على خطر إصابته بالتصلب المتعدد، وبات يُعرف الآن أن ما يزيد عن 200 جين لها علاقة بخطر الإصابة بأي نوع من أنواع التصلب المتعدد. ومع ذلك، لم يتم التعرف على وجه التحديد على الجينات المرتبطة بخطر تطوّر التصلب المتعدد المترقي الأولي.

تغييرات نادرة

سعت [دراسة دولية] جديدة إلى تحديد ما إذا كانت التغيرات النادرة في الجينات مرتبطة بالتصلب المتعدد المترقي الأوّلي أم لا. ووجّه الباحثون تركيزهم تحديداً على تلك الجينات التي تُسبب اعتلالات عصبية أخرى لديها أعراض مُشابهة للتصلب المتعدد المترقّي.
انطوت المرحلة الأولى من الدراسة على فحص جميع الجينات من 38 شخصاً لديهم تصلب متعدد مترقٍّ أوّلي و81 شخصاً غير مصابين بالتصلب المتعدد. وحدّد الفحص 15 تغييراً جينياً قد يكون لها علاقة على الأرجح بالتصلب المتعدد المترقّي.
ومع أن هناك اختلافات صغيرة قائمة بين شفرات الحمض النووي لدى الأشخاص المختلفين، وجد الباحثون المشاركون في هذه الدراسة أنّ التغييرات كانت عبارة عن تغييرات نادرة في الحمض النووي وغير موجودة عند أغلبية الأفراد وأنها تُسبب على الأرجح التلف في وظائف أنواع معيّنة من الخلايا. وكانت هذه التغييرات الجينية متصلة أيضاً باعتلالات عصبية أخرى. والأمر الأكثر أهمية هو أنه قد لوحظ أن التغييرات لم تكن موجودة لدى الأشخاص غير المصابين بالتصلب المتعدد.

دراسة إضافية

لتأكيد ما إذا كانت تلك التغيرات الجينية متصلة حقاً بالتصلّب المتعدد المترقّي الأولي أم لا، درس الباحثون مدى شيوع تلك التغيرات عند مجموعةٍ أكبر من الأشخاص ذوي التصلّب المتعدد المترقّي الأولي والأشخاص غير المصابين بالتصلّب المتعدد. وبحثوا أيضاً عن التغيرات عند مجموعة من الأشخاص في الأشكال الانتكاسية من التصلّب المتعدد، من أجل تحديد ما إذا كانت التغيرات الجينية مرتبطة على وجه الخصوص بالتصلب المتعدد المترقّي أو كانت مجرّد جزء من ’السمات‘ الوراثية لدى جميع الأشخاص ذوي التصلّب المتعدد.

وباستعراض النتائج، أمكن تحديد الأهمية الخاصة لأربعة تغييرات من بين 15 تغييراً جينياً في علاقتها بالتصلب المتعدد المترقّي الأولي. لقد كانت هذه التغييرات مرتبطة بعدد من الاعتلالات مع أعراض عصبية تتدرج في السوء، وتشمل الشلل السفلي التشنّجي، وحثل المادة البيضاء الضخامي، مع التكيّسات تحت القشرية، والتصلّب الحدبي.

وبما أنّ اثنين من التغيّرات كانا متصلين بالشلل السفلي التشنّجي، تابع الباحثون العمل لتحليل ما إذا كانت التغيرات الجينية المتصلة بذلك المرض أكثر شيوعاً عند الأشخاص ذوي التصلّب المتعدد المترقّي الأولي. وبحثوا في 169 تغييراً جينياً متصلاً بالشلل السفلي التشنّجي ووجدوا أنها كانت أكثر شيوعاً، ليس فقط عند الأشخاص ذوي التصلب المتعدد المترقّي الأولي، بل أيضاً عند ذوي التصلب المتعدد المترقي الثانوي. كان وجود التغيرات الجينية أقل احتمالاً بكثير عند الأشخاص ذوي التصلّب المتعدد الانتكاسي الترددي مما يشير إلى أن تلك التغيرات الجينية تساهم تحديداً في خطر تطوّر المسار المترقّي للتصلب المتعدد عند الأفراد.

يشكّل تحديد دور الجينات في التأثير على مدى اتخاذ التصلّب المتعدد مساراً مترقّياً عند الأفراد أهميةً بالغة في فهم الخصائص البيولوجية للتصلّب المتعدد المترقّي ويساعد الباحثين في الوصول لخيارات علاجية جديدة قد تكون قادرة على إبطاء أو إيقاف تراكم العجز عند الأشخاص ذوي التصلّب المتعدد المترقّي. وستكون الخطوة التالية هي دراسة الوظائف البيولوجية لتلك الجينات عن قرب، وتحديد كيفية تعريضها الأشخاص للإصابة بالتصلب المتعدد المترقّي بشكل دقيق.