هناك ارتباط معروف منذ سنوات عديدة بين عدد حالات التصلب العصبي المتعدد (معدل الانتشار) والمكان الذي يعيش فيه الناس في العالم. كما هو موضح من خلال أطلس التصلب العصبي المتعدد، نميل إلى رؤية انتشار أكبر للتصلب العصبي المتعدد في البلدان أو المناطق التي تقع على خطوط عرض أعلى، أي أبعد من خط الاستواء. يُعتقد أن هذا الأمر مرتبط بانخفاض التعرض لأشعة الشمس/الأشعة فوق البنفسجية، ويرتبط جزئيًا بانخفاض مستويات فيتامين د.

لا يُعرف الكثير عن العلاقة بين موقع نطاق خطوط العرض وشدة المرض الذي يعاني منه الأشخاص ذوي التصلب العصبي المتعدد. دراسة نُشرت في أبريل 2022، باستخدام بيانات من سجل قاعدة بيانات التصلب العصبي المتعدد الدولية، بحثت بمزيد من التفصيل في العلاقة بين موقع خطوط العرض في محل الإقامة، والتعرض للأشعة فوق البنفسجية، وشدة الإصابة بالتصلب العصبي المتعدد كما تم تقييمها من قبل نظام تسجيل مقياس حالة العجز الممتد. أظهرت النتائج وجود علاقة: حيث ارتبطت الإصابة بحالات شديدة من التصلّب العصبي المُتعدّد بالعيش في خطوط عرض أعلى، ولكن فقط في أجزاء معتدلة من العالم (خطوط العرض أكبر من 40 درجة، والتي تشمل غالبية أوروبا وكندا والنصف الشمالي من الولايات المتحدة، والأجزاء الجنوبية من الأرجنتين وشيلي ونيوزيلندا). على سبيل المثال، الأشخاص ذوي التصلّب العصبي المُتعدّد الموجودين في كوبنهاغن، الدنمارك أكثر عرضة للإصابة بالتصلّب العصبي المُتعدّد الحاد من الأشخاص المتأثرين بالتصلّب العصبي المُتعدّد الذين يعيشون في مدريد، إسبانيا.

بالإضافة إلى ذلك، كان ترقي الإعاقة أسرع في الأشخاص الذين يعانون من التصلب العصبي المتعدد والذين تعرضوا لمستويات أقل من أشعة الشمس/الأشعة فوق البنفسجية في سنوات حياتهم الأولى، وكذلك بشكل مجمل طوال حياتهم. ومع ذلك، فإن مقدار التعرض للأشعة فوق البنفسجية لم يفسر بشكل كامل العلاقة بين خط العرض وشدة الإصابة بالتصلب العصبي المتعدد، مما يشير إلى وجود عوامل أخرى مهمة أيضًا. يقترح المؤلفون أن فيروس إبشتاين بار يمكن أن يكون عاملاً مهمًا، لأن انتشار فيروس إبشتاين بار أكبر في خطوط العرض الأعلى.

الإنفاق على الرعاية الصحية وانتشار التصلّب العصبي المُتعدّد

دراسة مهمة أخرى، بتمويل من جمعية التصلب العصبي المتعدد الوطنية في الولايات المتحدة، وبقيادة باحثين من كلية الطب بجامعة جونز هوبكنز في الولايات المتحدة ومستشفى التدريس الجامعي في لوساكا، زامبيا، كشفت أيضًا عن نتائج جديدة تتعلق بالعلاقة بين خطوط العرض والتصلب العصبي المتعدد. ولدراسة ذلك، حلل الباحثون مدى انتشار التصلّب العصبي المُتعدّد في 203 من البلدان والأقاليم. ثم ربطوا معدل الانتشار بمجموعة من العوامل بما في ذلك الناتج المحلي الإجمالي والإنفاق على الرعاية الصحية ومستويات الدخل وتوافر أجهزة التصوير بالرنين المغناطيسي وأعداد أطباء الأعصاب المتخصصين وعوامل نمط الحياة مثل السمنة وشرب السجائر. في هذه الحالة، تناول الباحثون أعمال البحث في معدلات انتشار التصلب العصبي المتعدد فقط، لكنهم وجدوا أنه بالإضافة إلى العلاقة مع خطوط العرض، كان هناك ارتباط أيضًا بمعدل إنفاق البلدان على الرعاية الصحية.

ما أهمية ذلك الاكتشاف؟ من أجل تشخيص التصلب العصبي المتعدد، هناك حاجة إلى توفر طبيب أعصاب مدرب يعرف ما الذي يبحث عنه بالإضافة إلى إتاحة السبل لإجراء الفحوصات الطبية التشخيصية، مثل أجهزة التصوير بالرنين المغناطيسي. البلدان التي لا تستطيع تحمل تكاليف المتخصصين في الرعاية الصحية المدربين وتوفير المعدات تقل على الأرجح قدرتها على تشخيص التصلّب العصبي المُتعدّد.

كما تصف د. ديانا سايلور، كاتبة الدراسة:

“يؤدي هذا الأمر إلى ضعف إمكانية تشخيص التصلّب العصبي المُتعدّد ونقص التقارير المُقدمة عن انتشار التصلّب العصبي المُتعدّد، مما يؤدي بعد ذلك إلى الاعتقاد بأن التصلّب العصبي المُتعدّد “غير موجود” أو “نادر للغاية” في هذه المناطق. وهذا يؤدي إلى حصول العاملين في مجال الرعاية الصحية على القليل من التدريب حول التصلّب العصبي المُتعدّد، لذلك من غير المرجح حتى أن يعتبروه تشخيصًا محتملًا، وبالتالي يؤدي هذا بدوره إلى حالة من الإنكار واستمرار المعتقد بأنه ليس مرضًا مهمًا في ذلك البلد/المنطقة. يقوم فريقنا لطب الأعصاب في زامبيا بتشخيص التصلب العصبي المتعدد بانتظام، مما يدل على وجود التصلب العصبي المتعدد طالما تواجد أطباء الأعصاب المختصين لاكتشافه. فلا يعني عدم وجود بيانات عدم وجود حالات”.

تؤكد هذه الدراسات الحاجة الملحة لتحسين الوصول إلى الرعاية الصحية – وخاصة، إلى أطباء الأعصاب ذوي الخبرة في التعامل مع التصلب العصبي المتعدد ومعدات التشخيص ذات الصلة – حتى يتمكن الناس في جميع أنحاء العالم من الحصول على تشخيص دقيق وفي الوقت المناسب لحالتهم. يمكن أن يؤدي التشخيص المبكر إلى العلاج المبكر باستخدام العلاجات المعدلة للمرض، والتي يمكن أن تحد من زيادة نسب الإعاقة على مدار الحياة. يمكن أن يساعد فهم المتخصصين في الرعاية الصحية للمسار المحتمل لمرضهم من حيث الشدة على اختيار أفضل العلاجات والرعاية للأشخاص ذوي التصلّب العصبي المُتعدّد وفقًا لظروفهم الفردية.

القصة على الموقع الإلكتروني لجمعية التصلب العصبي المتعدد الوطنية: https://www.nationalmssociety.org/About-the-Society/News/MS-Prevalence-Rates-Tied-to-Socioeconomic-Factors

المنشور رقم 1: العلاقة بين موقع خط العرض والتعرض للأشعة فوق البنفسجية وشدة التصلّب العصبي المُتعدّد: https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC923183/

المنشور رقم 2: ارتباط انتشار التصلب العصبي المتعدد بالعوامل الاجتماعية والديموغرافية والنظم الصحية ونمط الحياة على المستوى الوطني والإقليمي: https://n.neurology.org/content/early/2022/08/24/WNL.0000000000200962

نشرة صحفية للأكاديمية الأمريكية لطب الأعصاب: https://www.aan.com/PressRoom/Home/PressRelease/5010

تحسين سبل الوصول إلى علاج التصلّب العصبي المُتعدّد والرعاية الصحية: ‏https://www.msif.org/improving-access