María José Ulloa Navas

د. ماريا خوسيه أولوا نافاس باحثة متخصصة في التصلّب العصبي المُتعدّد تعمل في مختبر بيلزيل ومقره عيادات مايو كلينيك في جاكسونفيل، فلوريدا، بالولايات المتحدة الأمريكية.

بدأت اهتمامات ماريا خوسيه العلمية في مسقط رأسها كيتو في الإكوادور حيث درست الكثير عن المقاومة البكتيرية بين السكان في الإكوادور. من خلال هذه الدراسات، اكتسبت الفهم الأساسي في العلوم، ولكن مع ندرة الفرص لتمويل الأبحاث في الإكوادور، اضطرت إلى مواصلة شغفها بالعلوم وتحقيق أهداف أبعد من ذلك.

من أمريكا اللاتينية إلى إسبانيا

انتقلت ماريا خوسيه لأول مرة من الإكوادور إلى إسبانيا من أجل الحصول على درجة الماجستير.

تقول ماريا خوسيه: “عندما انتقلت إلى إسبانيا، كانت إمكانية إجراء البحوث الأساسية في مجالات مختلفة مثيرة للاهتمام. وأثناء حضوري دروس بيولوجيا الخلايا والبيولوجيا العصبية، أدركت رغبتي في مواصلة دراسة الدماغ.”

قادها هذا الإدراك إلى التقدم للحصول على الدكتوراه في مختبر البروفيسور خوسيه مانويل غارسيا فيردوغو في جامعة فالنسيا. باستخدام التمويل من زمالة ماكدونالد للجنة الأوروبية لعلاج التصلب العصبي المتعدد وأبحاثه – الاتحاد الدولي للتصلب العصبي المُتعدّد، تعلمت العديد من التقنيات القوية بما في ذلك استخدام المجهر الإلكتروني، وتقنية تعديل الجينوم  (مسرد المصطلحات) تسمى ‏ CRISPR-Cas9. سمح الفحص المجهري الإلكتروني لماريا خوسيه بتصور حجرات صغيرة جدًا في الخلية وكان تعديل الجينوم يعني إمكانية تغير بنية الجين لتغيير وظيفته. سعت ماريا إلى فهم إمكانية استخدام تعديل الجينوم لتحسين قدرة الجسم على إعادة تجديد الخلايا العصبية المصابة في الفئران من عدمه.

في فالنسيا، أتيحت لها الفرصة لتدريب الطلاب وحضور المؤتمرات العلمية. وأسست بدورها تعاونًا قويًا مع المختبرات في جميع أنحاء إسبانيا وكذلك على المستوى الدولي فضلًا عن مساهمتها في تطوير مشاريع مع مجموعات أخرى في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والسويد وإيطاليا.

تطلبت شروط الدكتوراه منها إجراء مشروع بحثي أقصر خارج إسبانيا، لذا، تقدمت بطلب للحصول على منحة من الاتحاد الدولي للتصلب العصبي المُتعدّد، والتي تمول مشاريع تصل مدتها إلى ستة أشهر. كانت تتطلع للانتقال إلى مختبر د. ستيفن فانسي في جامعة كاليفورنيا، سان فرانسيسكو، لكنها لم تتمكن من السفر بسبب جائحة كوفيد-19.

غيرت بعد ذلك خطة مشروعها، وعملت بدلاً من ذلك في مركز أشوكارو باسك للعلوم العصبية مع د. فانجا تيبافيسيفيتش، في محاولة لفهم استخدام تقنية إعادة الميالين في الحبل الشوكي لنموذج الفأر المصاب بالتصلّب العصبي المُتعدّد على المستوى الجزيئي.

مرة أخرى عبر المحيط الأطلسي

بعد حصولها على منحة دو بري، عُرضت عليها شغل وظيفة ما بعد الدكتوراه في مختبر الأستاذ المساعدة فيرونيك بيلزيل في عيادات مايو كلينيك في جاكسونفيل، فلوريدا، بالولايات المتحدة الأمريكية، وهي نقلة مهمة في حياة ماريا خوسيه المهنية…

“في الولايات المتحدة الأمريكية… تُمول الأبحاث بشكل أفضل وأكثر تنافسية، وكنت متحمسة لجميع الفرص التي يقدمها لي مختبر بيلزيل.”

في مختبر بيلزيل، تقوم ماريا خوسيه حاليًا بأبحاث من أجل الوصول إلى العلامات الحيوية للتصلّب العصبي المُتعدّد. كما تبحث على وجه التحديد عن العلامات الحيوية في الحويصلات، وهي في الأساس أكياس صغيرة تحمل ناقلات عصبية. هذه الناقلات العصبية عبارة عن جزيئات تحمل إشارة كيميائية من خلية عصبية إلى أخرى. ويسمح ذلك للخلايا العصبية بالتواصل مع بعضها.

إعادة توليد المحاور العصبية في دماغ الأشخاص ذوي التصلّب العصبي المُتعدّد

ولكي تصبح د. أولوا نافاس باحثًا مستقلًا، فإنها تسعى في الوقت الحالي إلى الحصول على تمويل لمشروع جديد. وتضطلع بدراسة جزء معين من الدماغ يسمى البِطانَةُ العَصَبِيَّة. البِطانَةُ العَصَبِيَّة عبارة عن طبقة رقيقة من الخلايا التي تفصل الدماغ والحبل الشوكي عن البطينين (مسرد المصطلحات). يُعتقد أن هذه الخلايا تشارك في تجديد الخلايا العصبية في الدماغ والنخاع الشوكي.

تحاول ماريا خوسيه فهم ما إذا كان يحدث تغييرات في هذه الخلايا بسبب التصلّب العصبي المُتعدّد أم لا، والتي يمكن أن توفر أدلة على فهم تقنية آلية التجديد. وتستخدم عينات بشرية من الأشخاص ذوي التصلب العصبي المتعدد والتصلب الجانبي الضموري، وهو نوع آخر من أمراض التنكس العصبي.

لماذا يُعد هذا الجزء من العمل تحديدًا ذو أهمية كبيرة؟ توضح ماريا خوسيه هذه المسألة قائلة:

“هذا المجال من البحث له أهمية كبيرة، حيث تمثل خلايا البِطانَةِ العَصَبِيَّة حاجزًا يمنع دخول المواد من السائل النخاعي إلى الدماغ. إن فهم كيفية عمل خلايا البطانة مهم، [لأنه إذا] تم تغيير البِطانَةِ العَصَبِيَّة، فقد تمر جزئيات جهاز المناعة من خلال هذا الحاجز”.

تحمل الخلايا العصبية الرسائل بين الدماغ والحبل الشوكي وأعضاء وأطراف الجسم باستخدام المحاور العصبية (الألياف العصبية) (مسرد المصطلحات). تتحكم هذه الخلايا العصبية في كل ما نمارسه، بدءًا من كيفية تحركنا إلى طريقة تفكيرنا وشعورنا. يُعد الميالين بمثابة الطبقة الخارجية الدهنية الواقية الذي يحيط بالألياف العصبية تمامًا مثل العزل الذي يحيط بسلك كهربائي. في حالات التصلّب العصبي المُتعدّد، تدخل الخلايا المناعية الدماغ والحبل الشوكي وتهاجم الميالين والخلايا العصبية والألياف العصبية.

وبتلف الميالين في حالات التصلّب العصبي المُتعدّد، تموت الخلايا العصبية. وبموت الخلايا وتكسر الروابط بينها، يظهر ما يسمى بضمور الدماغ. يسبب هذا النوع من الضمور ظهور أعراض التصلب العصبي المتعدد. لذلك، فإن إعادة تكوين المَيَالين (إضافة الميالين مرة أخرى إلى الألياف العصبية) وتجديد الخلايا (بناء خلايا عصبية جديدة) هو موضوع بالغ الأهمية في حالات الإصابة بالتصلّب العصبي المُتعدّد. البطين الجانبي إحدى المساحات في الدماغ التي تحتوي على السائل النخاعي هو جزء من الدماغ الذي يخلق الخلايا العصبية والخلايا الدبقية العصبية الضامة الأكثر حداثة في دماغ الرضيع.

وتضيف ماريا خوسيه: “قد تقودنا دراسة هذه المنطقة إلى تحديد أهداف جديدة لإعادة تجديد الخلايا”.

تعرض د. ماريا خوسيه أولوا نافاس معلومات عن عملها فيما يتعلق بموضوع “إعادة الميالين”.

مساعدة الأشخاص المتأثرين بالتصلّب العصبي المُتعدّد

لا يتوقف شغف ماريا خوسيه وتركيزها عند الانضمام إلى المختبر فقط، حيث يظهر تعاطفها الحقيقي مع الأفراد المتأثرين بالتصلب العصبي المتعدد في كل جزء من عملها. في كيتو عاصمة الإكوادور، ساعدت في إنشاء رابطة المرضى الضرورية لدعمهم: جمعية مرضى التصلّب العصبي المتعدد وزوال المِيالين (‏APEMEDE.com‏).

تقول ماريا خوسيه: “في السنوات الأخيرة رأيت كيف تعاونوا معًا […] وكان عملهم الشاق على الرغم من الظروف المحيطة بهم أمرًا ملهم حقًا بالنسبة لي”.

قدمت د. أولوا نافاس محادثات علمية بلغة يسهل الوصول إليها للأشخاص المتأثرين بالتصلّب العصبي المُتعدّد وساهمت في المساعدة في تحسين الوصول إلى العلاجات المعدلة للمرض للأشخاص ذوي التصلّب العصبي المتعدد من خلال المحاكم الإكوادورية.

ساعدت “جمعية مرضى التصلّب العصبي المتعدد وزوال المِيالين” أيضًا في تحسين فهمنا للوصول إلى العلاجات المعدلة للمرض، مما يصب في مصلحة الاتحاد الدولي للتصلّب العصبي المُتعدّد أطلس التصلب العصبي المُتعدّد. لم يكن هذا الأمر إنجازًا صغيرًا بالنسبة لبلد مثل الإكوادور، حيث لم تكن هناك بيانات مسجلة عن مدى انتشار التصلّب العصبي المُتعدّد.

ما هي دوافع ماريا خوسيه؟

تفوقت ماريا خوسيه في مهنتها، ونشرت العديد من المقالات البحثية المهمة مع نجاحها في إقامة علاقات للتعاون الدولي عبر ثلاث قارات، والمساعدة في إنشاء منظمة في الإكوادور للأشخاص المتأثرين بالتصلّب العصبي المُتعدّد. فما هي الدوافع التي ساعدتها على الاستمرار؟

تعزو ماريا خوسيه دافعها للاستمرار إلى والديها. ففي بلد لا يزال فيه التعليم العالي امتيازًا، أدركت مدى الصعوبات التي يتعرض لها والديها في العمل فقط من أجل منحها فرصة التعليم الجيد.

“خلال هذه السنوات التي قضيتها خارج بلدي، فهمت أنه لا يمكن للعديد من الأشخاص من البلدان الصغيرة [مثل الإكوادور] العمل في مجال الأبحاث، وبالتالي، أنا ممتنة لما وصلت إليه”.

بالإضافة إلى إصداراتها الأكاديمية، من الواضح أن د. ماريا خوسيه أولوا نافاس تلهم الآخرين من خلال بوادر اللطف والدافع الحقيقي لتحسين حياة الأشخاص المتأثرين بالتصلّب العصبي المُتعدّد.

“توفيت جدتي قبل عامين. لقد دعمتني في كل شيء وساعدتني حقًا على الاعتقاد بأن أي شيء يمكن تحقيقه بالحب والعمل الجاد”.

تهدف ماريا خوسيه إلى بدء تأسيس مختبرها الخاص يومًا ما، مع التركيز على منطقة البطين وتحت البطين لدى الأشخاص ذوي التصلب العصبي المُتعدِّد. وتود العودة إلى الإكوادور، لكنها تدرك أن تمويل البحث لا يزال للأسف محدودًا للغاية. حتى ذلك الحين، تقول أنها سوف تكون سفيرة للإكوادور.

التمويل

موّلت “زمالة ماكدونالد للجنة الأوروبية لعلاج التصلب العصبي المتعدد وأبحاثه – الاتحاد الدولي للتصلب العصبي المُتعدّد” الدكتورة ماريا خوسيه أولوا نافاس، وهي الزمالة التي تمولها اللجنة الأوروبية لعلاج التصلب العصبي المتعدد وأبحاثه، ثم حصلت على تمويل إضافي من خلال منحة مؤسسة “دو بري التابعة للاتحاد الدولي للتصلب العصبي المتعدد”.

وقد مولت منظمتنا الشريكة الأخرى، المؤسسة الفرنسية لدعم أبحاث التصلّب العصبي المُتعدّد، زمالات أخرى من برنامج ماكدونالدز.

نحن ممتنون للغاية لمنظماتنا الشريكة وهي: “اللجنة الأوروبية لعلاج التصلب العصبي المتعدد وأبحاثه” و”المؤسسة الفرنسية لدعم أبحاث التصلّب العصبي المُتعدّد”، فبدون دعمهما، لم تكن هذه المنح ممكنة.

مسرد المصطلحات

محور عصبي/ليف عصبي: المحاور أو الألياف العصبية، عبارة عن “كابل” طويل، مكون من خلية عصبية أو عَصَبون لدى الفقاريات، والتي غالبًا ما تقوم بتوصيل النبضات الكهربائية بين الخلايا.

السائل النخاعي: سائل الجسم الصافي عديم اللون الموجود في الأنسجة المحيطة بالمخ والنخاع الشوكي.

الجينوم: المجموعة الكاملة من المعلومات الجينية في كائن حي، على سبيل المثال: الجينوم البشري أو جينوم الفئران.

تعديل الجينوم: طريقة لتغيير بنية الجينات بعرض تغيير وظيفتها. وتسمى إحدى هذه التقنيات CRISPR-Cas9.

الميالين: تحمل الخلايا العصبية رسائل بين الدماغ والحبل الشوكي وأعضاء وأطراف الجسم. تتحكم هذه الخلايا العصبية في كل ما نمارسه، بدءًا من كيفية تحركنا إلى طريقة تفكيرنا وشعورنا. الميالين هو الطبقة الخارجية الدهنية الواقية التي تحيط بالألياف العصبية – وتشبه قليلاً المادة العازلة التي تغلف الأسلاك الكهربائية.

البطين: مساحات في الدماغ تحمل السائل النخاعي. يبدأ الجهاز البطيني في الجزء السفلي من القناة المركزية في الحبل الشوكي، ويمتد حتى البطين الرابع من الدماغ، مما يسمح بتدفق السائل النخاعي في جميع أنحاء الجسم. يقوم السائل النخاعي بغسل الشوائب من الدماغ، وينقل العناصر الغذائية ويوفر تقنية توسيد واقية داعمة للمخ والنخاع الشوكي.

الفقاريات: كائنات لها العمود الفقري الداخلي المحيطة بالعظام، وتسمى أيضًا الفقرات. للفقاريات هيكل عظمي صلب مصنوع من العظام، يدعم أنسجة الجسم ويدعم العضلات.