تُعد الحساسية للحرارة مشكلة كبيرة بالنسبة لمرضى التصلب المتعدد، حيث يعاني أغلبية المرضى من زيادة حدة الأعراض عندما ترتفع درجة حرارة الجسم، ولو بدرجة صغيرة. وأكثر ما تزيد حدته من الأعراض بسبب الحرارة هو الشعور بالإعياء، وهو ما يمكن أن يحد من القدرة على ممارسة التمارين الرياضية والقيام بالمهام اليومية.

ويعد السبب وراء معاناة مرضى التصلب المتعدد من الحساسية للحرارة غير واضح حتى الآن. ويُعتقد أن الزيادة في درجة حرارة باطن الجسم بحوالي 0.5 درجة مئوية قد تبطئ أو تعوق الإشارات التي تنتقل عبر الأعصاب التي تعرضت إلى التلف أو إزالة الميالين بعد الإصابة بالتصلب المتعدد. ويعرف ذلك بظاهرة أوتوف – التي سميت على اسم ويلهلم أوتوف، الذي وصفها لأول مرة في الثمانينيات من القرن التاسع عشر.

ويعد النشاط البدني والتمارين الرياضية هامة للغاية بالنسبة لمرضى التصلب المتعدد للتحكم بمرضهم وتحسين الحالة الصحية العامة ومستوى اللياقة البدنية. ولذا، يعمل العلماء من مختلف أنحاء العالم على تطوير أفضل الاستراتيجيات لمساعدة مرضى التصلب المتعدد على التعامل مع مشكلة الحساسية للحرارة.

وكثير من هذه الاستراتيجيات، مثل ارتداء صديريات التبريد التي تحتوي على الثلج أو تغطيس النصف السفلي من الجسم في الماء البارد قبل ممارسة التمارين الرياضية، قد لا يكون عمليًا في كل الأوقات.
وقد قام فريق من الباحثين الأستراليين، تحت قيادة الدكتور أولي جاي من جامعة سيدني، بنشر بحث جديد في المجلة العلمية الطب والعلوم في الرياضة والتمارين حول نجاعة استراتيجية بسيطة في الحد من الحساسية للحرارة خلال التمارين الرياضية: وهي شرب الماء البارد.

اختبار ركوب الدراجة

في هذه الدراسة، فحص العلماء 20 شخصًا: 10 من المصابين بالتصلب المتعدد، و10 من غير المصابين. وطُلب إلى المشاركين التبديل على دراجة ثابتة في بيئة تخضع للسيطرة في درجة حرارة 30 درجة مئوية ونسبة رطوبة 30% في ثلاث مناسبات منفصلة. وكان على المشاركين التبديل إما حتى الوصول إلى درجة الإنهاك، أو لمدة 60 دقيقة بحد أقصى. وتم تقديم الماء للمشاركين بمقدار 3.2 مليلتر لكل كيلو غرام من وزن الجسم كل 15 دقيقة. وكان الماء إما باردًا (1.5 درجة) أو دافئاً (37 درجة).
تمكنت مجموعة المراقبة التي كان أفرادها لا يعانون من التصلب المتعدد من التبديل لكامل مدة الـ 60 دقيقة، بينما لم يتمكن سوى 3 من بين 10 أفراد مصابين بالتصلب المتعدد من إكمال الـ 60 دقيقة كاملةً عند درجة 30 مئوية عند إعطائهم الماء الدافئ. ولكن، عند إعطاء المصابين بالتصلب المتعدد الماء البارد، تمكن خمسة من الأفراد العشرة من إكمال مدة الـ 60 دقيقة كاملة في عملية التبديل، بينما تمكن من فشلوا في إكمال مدة الـ 60 دقيقة من التبديل لفترة أطول بنسبة 30% تقريبًا.

وخلال النشاط، قام العلماء أيضًا بقياس درجة حرارة باطن الجسم، ودرجة حرارة الجلد، وسرعة ضربات القلب. وكانت المفاجأة أنه بالرغم من أثره على مدة التمارين الرياضية والشعور بالإعياء، لم يكن للماء البارد أي أثر على سرعة ضربات القلب، أو درجة حرارة باطن الجسم، أو درجة حرارة الجلد.
ويرى الفريق البحثي أنه من المحتمل أن تكون مستشعرات درجة الحرارة في الفم، والمسار الهضمي، والبطن تلعب دورًا في إرسال إشارات إلى الدماغ للتأثير على الشعور بالإعياء، وليس أن الماء البارد يحدث أثره عن طريق تغير في درجة حرارة باطن الجسم.

ويخطط الباحثون الآن لتقصي هذه النتائج الرائعة بعمق أكبر. ومن الناحية العملية، ونظرًا لأن معظم مستشعرات درجة الحرارة تكون في الفم وعلى اللسان، فقد يكون مجرد تقليب الماء البارد في الفم بدون ابتلاعه فعالاً في الحد من الحساسية للحرارة لدى الأشخاص المصابين بالتصلب المتعدد، وسوف يقوم الفريق ببحث هذا الأمر بشكل أكبر.

هذه النتائج الرائعة وغير المتوقعة قد تغير الطريقة التي نرى بها الحساسية للحرارة والطريقة التي يمكن التحكم بها لدى الأشخاص المصابين بالتصلب المتعدد.

شكر خاص لجمعية أبحاث التصلب المتعدد في أستراليا – المصدر الرئيسي لملخصات الأبحاث على موقعنا الإلكتروني.