هل يسبب فيروس إبشتاين بار الإصابة بالتصلّب العصبي المُتعدّد؟

سبب الإصابة بالتصلّب العصبي المُتعدّد ليس واضحًا تمامًا، لكنه على الأرجح مزيج من العوامل الوراثية والبيئية ونمط الحياة. من الصعب تحديد سبب قاطع للإصابة بالتصلّب العصبي المُتعدّد أو وجود مجموعة من العوامل المختلفة تُزيد من خطر الإصابة به. وتُعزز دراسة جديدة مهمة الأدلة التي تشير إلى أن فيروس إبشتاين بار يمكن أن يكون أحد عوامل الخطورة المذكورة. 

ما هو فيروس إبشتاين بار؟

فيروس إبشتاين بار هو أحد أنواع فيروسات الهربس. ويُعد أحد أكثر الفيروسات شيوعًا ويوجد في 9 من كل 10 أشخاص في جميع أنحاء العالم. ينتقل هذا الفيروس عبر سوائل الجسم مثل اللعاب كما يُمكنه التسبب في الإصابة بكَثْرَةُ الوَحيداتِ العَدْوَائِيَّة، والمعروفة أيضًا باسم الحمى الغدية. بعد تعافي الجسم من المرض، يظل فيروس إبشتاين بار “صامتًا” في الجسم متسببًا في عدوى خفية مدى الحياة.

كيف يرتبط فيروس إبشتاين بار بالتصلّب العصبي المُتعدّد؟

بعد محاربة جسم الإنسان للفيروس، يترك جهاز المناعة أجزاء من الفيروس المُغير والمعروفة باسم المستضدات. يتعرف الجسم على المستضدات ويحفز إنتاج الأجسام المضادة، لمساعدة جهاز المناعة على التعرف على الفيروس إذا اجتاح الجسم مرة أخرى. يرتبط وجود الأجسام المضادة لفيروس إبشتاين بار بالعديد من أنواع السرطان وأمراض المناعة الذاتية، والتي تشمل التصلّب العصبي المُتعدّد وتشير الدراسات إلى إمكانية تفاعل الأجسام المضادة الخفية لفيروس إبشتاين بار مع جهاز المناعة والجهاز العصبي، مما يؤدي إلى ظهور الحالة.

كشفت دراسات مختلفة عن وجود صلة بين فيروس إبشتاين بار والتصلّب العصبي المُتعدّد حيث وجد أن ما يصل إلى 99٪ من أجساد الأشخاص ذوي التصلّب العصبي المُتعدّد يحتوي على أجسام مضادة ضد فيروس إبشتاين بار. وبالمثل، يميل معظم المرضى الذين لا تحتوي أجسادهم على الأجسام المضادة لفيروس إبشتاين بار لعدم ظهور التصلّب العصبي المُتعدّد لديهم.

ماذا تعني هذه النتائج للأشخاص ذوي التصلّب العصبي المُتعدّد؟

تشير هذه النتائج إلى ارتباط الأجسام المضادة لفيروس إبشتاين بار بزيادة خطر الإصابة بالتصلّب العصبي المُتعدّد. ولكن بما أن معظم المصابين بفيروس إبشتاين بار لا يصابون بالتصلّب العصبي المُتعدّد، لا تكفي الإصابة بفيروس إبشتاين بار وحده للإصابة بالتصلّب العصبي المُتعدّد. نحتاج الآن إلى فهم سبب تعرض بعض الأشخاص المصابين بفيروس إبشتاين بار للإصابة بالتصلّب العصبي المُتعدّد، بينما لا يصاب الآخرين به.

هناك تأخير حوالي عشر (10) سنوات بين وقت اكتشاف الأجسام المضادة لفيروس إبشتاين بار وظهور أعراض التصلّب العصبي المُتعدّد. ولا يتضح سبب حدوث ذلك ولكن تُشير الأدلة المتزايدة إلى الإصابة بمرحلة مبكرة من التصلّب العصبي المُتعدّد تسمى مرحلة “البادرة”. في هذه المرحلة، يُعتقد تطور التصلّب العصبي المُتعدّد في الجسم على الرغم من عدم ظهور أعراض الإصابة النموذجية به. خلال هذا الوقت، قد تُقاوم الأجسام المضادة لفيروس إبشتاين بار دفاعات جهاز المناعة والجهاز العصبي ببطء.

نظرًا لعدم وجود طريقة ممكنة لتجنب الإصابة بعدوى فيروس إبشتاين بار، قد يكون التطعيم ضد فيروس إبشتاين بار هو الحل. وإذا مثّل فيروس إبشتاين بار عامل خطورة للإصابة بالتصلّب العصبي المُتعدّد، يمكن تطوير لقاح لفيروس إبشتاين بار بغية الوقاية من التصلّب العصبي المُتعدّد. وفي الوقت الحالي، يوجد العديد من الباحثين القائمين بأعمال التحقيق والبحث فيما يتعلق بلقاحات فيروس إبشتاين بار، بالإضافة إلى العلاجات التي تستهدف فيروس إبشتاين بار بالفعل في الأشخاص ذوي التصلّب العصبي المُتعدّد.  بدأت شركة الأدوية “موديرنا” تجربة المرحلة الأولى لاستخدام لقاح فيروس إبشتاين بار المحتمل في يناير 2022، واختبار سلامته من خلال متطوعين أصحاء. لن نعرف نتائج هذه الدراسات قبل مرور بعض الوقت، ولكن سيكون للنتائج تأثيرات هامة على الوقاية من التصلّب العصبي المُتعدّد وعلاجه في المستقبل.

رأي أعضاء الاتحاد الدولي للتصلّب العصبي المُتعدّد في هذه الدراسة