ينطوي العالم الرقمي على إمكانات كبيرة تتيح لجمعيات التصلّب العصبي المُتعدّد الابتكار في مصادر الدخل الخاصة بها وتنوعها. زادت جائحة كوفيد-19 من الاهتمام بالتبرع عبر الإنترنت بالتأكيد، نظرًا إلى توقف حملات جمع التبرعات المجراة بطريقة شخصية مباشرة، ما أدى إلى معاناة العديد من الجمعيات من صعوبات مالية. واستجابةً لذلك، تستكشف العديد من المؤسسات الخيرية طرقًا جديدة لإدرار دخل عبر الإنترنت، ومنها جمعيات التصلّب العصبي المُتعدّد في أمريكا اللاتينية.

من خلال برنامج أمريكا اللاتينية الخاص بنا، يقدم الاتحاد الدولي للتصلّب العصبي المُتعدّد الدعم إلى جمعيات التصلّب العصبي المُتعدّد في المنطقة لتعزيز مهارات جمع التبرعات رقميًا عن طريق التدريب المُتخصص والخدمات الاستشارية وبرامح المنح. في العام الماضي، موَّل برنامج المنح الصغيرة في أمريكا اللاتينية الخاص بنا أربع جمعيات من جمعيات التصلّب العصبي المُتعدّد لإنشاء حملات جمع تبرعات افتراضية. في هذه المقالة، تشارك هذه الجمعيات مشروعاتها وخبراتها والتحديات التي واجهتها ونصائحها مع مجتمعات التصلّب العصبي المُتعدّد الأخرى المهتمة بجمع التبرعات رقميًا.

كولومبيا: أصبح جمع التبرعات رقميًا بمثابة طوق نجاة

تدعم جمعية مكافحة التصلّب العصبي المُتعدِّد (ALEM) مجتمع التصلّب العصبي المُتعدّد في ميديلين بكولومبيا منذ أكثر من 25 عامًا. تقدمت الجمعية بطلب للحصول على منحة أمريكا اللاتينية من الاتحاد الدولي للتصلّب العصبي المُتعدّد لبدء أنشطة جمع التبرعات عبر الإنترنت. بدأت جمعية مكافحة التصلّب العصبي المُتعدِّد بدمج قاعدة بيانات الاتصال الخاصة بها، ثم إعداد صفحة جمع تبرعات دائمة للوصول إلى جهات مانحة جديدة. استُخدمت المنصة الجديدة لإدارة حملة جمع تبرعات رياضية رقمية تحت اسم “ركوب الدراجات لمسافة 30 كيلومترًا لصالح التصلّب العصبي المُتعدّد.” عنى الإطار الافتراضي أنه بإمكان جمعية مكافحة التصلّب العصبي المُتعدِّد التواصل رقميًا مع راكبي الدراجات في مُدن أخرى. وصلت فعالية ركوب الدراجات إلى 85 راكبًا وجمعت حوالي 3000 جنيه إسترليني للجمعية. تستوعب منصات جمع التبرعات الجديدة الآن 45 جهة مانحة منتظمة تدعى “أصدقاء جمعية مكافحة التصلّب العصبي المُتعدِّد”.

صار إعداد حملات جمع التبرعات عبر الإنترنتنقطة تحول للجمعية. صرحت مارتا سوسا مديرة جمعية مكافحة التصلّب العصبي المُتعدِّد قائلةً: “أصبح جمع التبرعات رقميًا بمثابة طوق نجاة لجمعية مكافحة التصلّب العصبي المُتعدِّد في مواجهة الحالات الطارئة مثل الجائحة، فضلاً عن الصعوبات الإدارية والضريبية.” تشجع السيدة سوسا جمعيات التصلّب العصبي المُتعدّد الصغيرة الأخرى على تجربة جمع التبرعات رقميًا.

“للجمعيات التي تفكر في سلوك مسار جمع التبرعات رقميًا، من المهم التخطيط جيدًا والتغلب على المخاوف الأولية. وفهم أنها عبارة عن مجموعة من الإجراءات ومن الممكن ألا تحدث بين عشية وضحاها، لكنها ستحقق نجاحًا مدهشًا. فالعقبات التي يتعين علينا التصدي لها كجمعيات (صغيرة) في بعض الأحيان ينبغي ألا تقودنا إلى التخلي عن جمع التبرعات رقميًا من المحاولة الأولى. يجب علينا الإنصات إلى أصحاب المصلحة والجهات المانحة المشاركين حديثًا، للحفاظ على اهتمامهم بدعمنا.” مارتا سوسا مديرة جمعية مكافحة التصلّب العصبي المُتعدِّد

باراغواي: نُكيف الدروس المستفادة من جمع التبرعات رقميًا مع واقعنا

دعمت رابطة مرضى التصلب العصبي المتعدد وأمراض إزالة الميالين (APEMED) الأشخاص المتأثرين بالتصلّب العصبي المُتعدّد في باراغواي منذ عام 2007. استخدمت الجمعية منحة أمريكا اللاتينية من الاتحاد الدولي للتصلّب العصبي المُتعدّد لإنشاء أول حملة جمع تبرعات رقمية لجمعية للمرضى في باراغواي. موَّلت المنحة تحديثًا للموقع الإلكتروني لرابطة مرضى التصلب العصبي المتعدد وأمراض إزالة الميالين وأنشأت صفحة لجمع التبرعات. استُخدمت المنصات الجديدة لتشغيل خدمة توصيل طعام عبر الإنترنت وإشراك الجهات المانحة من الشركات ليصبحوا جهات متبرعة مُنتظمة. حققت خدمة توصيل الطعام نجاحًا كبيرًا، لكن الجمعية تمكَّنت كذلك من المشاركة مع جهات مانحة خاصة جديدة.

جمعت رابطة مرضى التصلب العصبي المتعدد وأمراض إزالة الميالين من خلال هذا المشروع 25% من الموارد اللازمة لفتح مركز جديد للتصلّب العصبي المُتعدّد. يتحدث لورديس موراليس رئيس رابطة مرضى التصلب العصبي المتعدد وأمراض إزالة الميالين عن المشروع قائلاً:

“شكَّل جمع التبرعات رقميًا تحديًا كبيرًا لفريقنا. كانت هذه المرة الأولى التي أجرينا فيها حملة جمع تبرعات بهذه الطريقة، لكننا الآن نواصل إجراء ذلك استنادًا إلى سياقنا المحلي.”

لا توجد ثقافة سائدة بشأن جمع التبرعات في باراغواي، لذا كان أهم درس تعلمته رابطة مرضى التصلب العصبي المتعدد وأمراض إزالة الميالين هو وضع دروسها المُستفادة ضمن السياق الصحيح.

“لقد كيَّفنا الدروس المستفادة بشأن جمع التبرعات رقميًا مع واقعنا. تُعد ثقافة التبرع غير موجودة في السياق الخاص بنا، وأولئك الذين يكونون مستعدين للتبرع عندئذ يختارون المناشدات بدلاً من ذلك. لذلك، كان علينا العمل بجد شديد للمشاركة وتحقيق النتائج. استثمرنا الوقت في الجهات المانحة، ودربناها على طريقة استخدام المنصة عبر الإنترنت لإتمام المعاملات. لتسهيل التبرع عبر الإنترنت، تعلمنا أننا بحاجة إلى استراتيجية اتصال وقليل من العمل الشخصي المباشر قبل أن نتمكن من جذب جهات مانحة جديدة.”

الأرجنتين: لا يتعلق الأمر بنسخ نماذج جمع التبرعات الرقمية الأخرى ولصقها

كانت جمعية التصلّب العصبي المُتعدّد في الأرجنتين (EMA) أول جمعية للتصلب العصبي المتعدد في أمريكا اللاتينية تقوم بإجراء جمع التبرعات رقميًا. فلقد كانت أول جمعية في المنطقة تنضم إلى حملة مايو لاجتياز 50 كيلومترًا، وهي فعالية افتراضية لصالح التصلب العصبي المتعدد يركض فيها الأشخاص حول العالم أو يسيرون لمسافة 50 كيلومترًا طوال شهر مايو. استخدمت جمعية التصلّب العصبي المُتعدّد في الأرجنتين منحة أمريكا اللاتينية للتحضير لحملة مايو لاجتياز 50 كيلومترًا، مما وضع الأساس للحملة عبر الإنترنت “No es lo que ves” (لا يتعلق الأمر بما تراه). هدفت هذه الحملة إلى تعزيز الملف التعريفي لجمعية التصلّب العصبي المُتعدّد في الأرجنتين على الإنترنت من خلال زيادة التفاعل مع المحتوى حول أعراض التصلب العصبي المتعدد غير المرئية.

نجحت جمعية التصلّب العصبي المُتعدّد في الأرجنتين في تحقيق تطلعاتها لزيادة عدد المتابعين على وسائل التواصُل الاجتماعي، حيث ازداد عدد جمهورها عبر الإنترنت بنسبة 15%. وشاع تداول وسم #Noesloqueves للحملة الرقمية الخاصة بها عبر الإنترنت. ساعد هذا جمعية التصلّب العصبي المُتعدّد في الأرجنتين على إشراك أكثر من 3000 شخص في حملة مايو لاجتياز 50 كيلومترًا وجمع أكثر من 10,000 جنيه إسترليني. مع ذلك، كانت هناك تحديات كبرى فيما يتعلق بجمع التبرعات عبر الإنترنت كما في باراغواي. لا تمتلك الأرجنتين ثقافة تبرع راسخة أو طُرقًا سهلة لتحويل الأموال عبر الإنترنت.

تصف جوانا باور مديرة جمعية التصلّب العصبي المُتعدّد في الأرجنتين التحديات بشكل أكبر على النحو التالي:

“لا يزال الناس يخشون الدفع عبر الإنترنت، ولا يُعد السياق الاقتصادي للبلاد داعمًا للتبرعات عبر الإنترنت. يوجد أيضًا عدد كبير من الأشخاص دون بطاقات بنكية والكثير غيرهم ممن ليسوا لديهم إمكانية وصول إلى الإنترنت. لا يمكننا قول إن جمع التبرعات رقميًا قد أضفى أثرًا كبيرًا على استدامة جمعية التصلّب العصبي المُتعدّد في الأرجنتين بعد. مع ذلك، على صعيد الاتصالات فلقد وصلت جمعية التصلّب العصبي المُتعدّد في الأرجنتين بلا شك إلى مجموعة جديدة كبيرة من الأشخاص.”

رغم التحديات، كانت التجربة مجزية ومفيدة للغاية للفريق. تأمل جمعية التصلّب العصبي المُتعدّد في الأرجنتين في استكشاف المزيد من فرص جمع التبرعات الرقمية في المستقبل. في الوقت الحالي، تتمثل الدروس المستفادة للمستقبل فيما يلي:

“إن ثقافة التبرع في أمريكا اللاتينية مختلفة، لذلك لا يتعلق الأمر بنسخ نماذج جمع التبرعات الرقمية الأخرى ولصقها، لكن في إعادة التفكير في الممارسات وتكييفها وفقًا للاحتياجات والإمكانيات.”

جمهورية الدومينيكان: التعرَّف على جمهورك

تقدمت مؤسسة ريناسير دومينيكان للتصلّب العصبي المُتعدِّد (ريناسير) للحصول على منحة أمريكا اللاتينية لاستقدام جهات مانحة محتملة وإرساء تبرعات شهرية منتظمة. بدأت جمعية التصلب العصبي المتعدد المشروع من خلال إنشاء نظام تبرعات بدعم من إحدى الوكالات وإدارة حملة على وسائل التواصل الاجتماعي بالتوازي لإشراك مؤيدين.

واجهت ريناسير مثلها مثل جمعيات التصلّب العصبي المُتعدّد الأخرى في المنطقة عقبات داخلية خلال جهودها لجمع التبرعات عبر الإنترنت. أدى التخبط العام حول التبرعات الخيرية عبر الإنترنت، إلى قيام مؤسسي الجمعية بطرح سلسلة من الندوات حول الحملة وطريقة نجاح التبرعات عبر الإنترنت. كانت الاستجابة لهذا النهج المُخصص إيجابية جدًا مع وصول تبرعات من الخارج حتى. تمكنت حملة جمع التبرعات الرقمية من جمع أكثر من 500 جنيه إسترليني وتستمر في الحصول على تبرعات مُخصصة من خلال منصتها عبر الإنترنت. أدى المشروع إلى ازدياد الملف التعريفي لجمعية ريناسير عبر الإنترنت بما يتجاوز 2,000 متابع على إنستجرام، وذلك بالإضافة إلى الأموال التي جمعها.

يتحدث روبرتو رودريغيز رئيس جمعية ريناسير مفكرًا في المشروع قائلاً:

“كانت هذه التجربة مفيدة للغاية لجمعية ريناسير، حيث إننا نعمل على تطوير منصة تستمر في النمو بشكل طبيعي. لقد أعطت أساسًا يمكننا من خلاله تحديث المحتويات والاستثمار في الإعلان والترويج بطريقة مُجزأة.”

يقول السيد رودريغيز للجمعيات الأخرى المهتمة بجمع التبرعات رقميًا:

“من المهم أن يكون هناك تخطيط استراتيجي قبل تدشين أي حملة، حيث تُحدد شرائح الجمهور بشكل جيد، حتى نكون على دراية باللغة والوسائط المستخدمة للتواصل مع الجمهور المستهدف. من المفيد استشارة وكالة أو شخص ذي خبرة بالموضوع، لتقليل معدل إهدار الموارد والوقت الثمين

لا يُعد الانتقال نحو التبرع عبر الإنترنت سلسًا دائمًا. تُظهر تجربة جمعيات التصلّب العصبي المُتعدّد في أمريكا اللاتينية تحديات محلية مختلفة. لا تمتلك بعض الدول ثقافة تبرع راسخة أو طُرقًا سهلة أو آمنة لتحويل الأموال عبر الإنترنت. قد يحتاج الآخرون إلى إنشاء التقنيات والمنصات المناسبة التي تسهل التبرع عبر الإنترنت. مع ذلك، تستمر جمعيات التصلّب العصبي المُتعدّد في أمريكا اللاتينية في التغلب على العقبات وجمع التبرعات الرقمية الرائدة، على أمل التمتع بمستقبل أكثر استدامة.

Page Tags: