أثبتت أنواع التمارين الرياضية المختلفة قدرتها على تحسين قوة العضلات وجودة المعيشة والقدرات الإدراكية، والحد من الإجهاد، وتحسين الحالة المزاجية لدى الأشخاص ذوي التصلب المتعدد. ولكنّ النتائج لم تتوصل إلى أدلة كافية على أن التمارين الرياضية تساعد في الحد من ضمور الدماغ أو من تقدُّم المرض في حالة التصلب المتعدد.

وفي هذه الدراسة الصغيرة التي نشرتها مجلة “التصلب المتعدد”، شرعت مجموعة من الباحثين من الدنمارك وألمانيا في بحث آثار تمارين المقاومة الطويلة الأجل على نتائج التصوير بالرنين المغناطيسي، والتدابير السريرية، والتدابير المبلغة من المريض بين الأشخاص ذوي التصلب المتعدد المتكرر الانتكاس والهدوء.

وتُعد تمارين المقاومة، التي تسمى أيضاً تمارين القوة أو الوزن، نوعاً من التمارين التي يقوم فيها الشخص طواعية بجعل العضلات الهيكلية “تعمل” أو تتقلص تحت ضغط قوة أخرى كوزن ثقيل أو نوع آخر من المقاومة مثل الشريط المطاطي. وتختلف هذه التمارين عن التمارين الهوائية أو القلبية التي يكون تركيزها على القلب والرئتين.

وفي هذه الدراسة، خضعت مجموعتان من الأشخاص ذوي التصلب المتعدد المتكرر الانتكاس والهدوء من الدنمارك، الذين كانوا يتناولون دواءً للتصلب المتعدد، وهو إنترفيرون بيتا (IFN-β)، لتمارين المقاومة تحت الإشراف. وتدرّبت المجموعة الأولى لمدة 24 أسبوعاً ثم سُمح لها بمواصلة التمرينات تحت التوجيه الذاتي لمدة 24 أسبوعاً أخرى. أما المجموعة الثانية فلم تغيّر نمطها المعيشي خلال الأسابيع الأولى الـ 24، ثم بدأت بتمارين المقاومة تحت الإشراف للأسابيع التالية الـ 24. وقد جرت جلسات التمرين تحت الإشراف مرتين في الأسبوع، وتضمنت تمرينات على الجزء العلوي والسفلي من الجسم.

وأظهرت المجموعتان تحسناً في درجات المركّب الوظيفي للتصلب المتعدد بعد التمرينات، واستمرّ الحفاظ على هذا التحسن بعد التمرين لمدة 24 أسبوعاً تحت التوجيه الذاتي في المجموعة الأولى. يقيس المركّب الوظيفي للتصلب المتعدد وظيفة الرِّجل والذراع، بالإضافة إلى القدرات الإدراكية وقدرات التفكير. وفي المُقابل لم يشهد مقياس العجز القياسي تحسّناً، ويُعرف باسم مقياس حالة العجز الممتد (EDSS) ويستخدمه أطباء الأمراض العصبية.

وكشف التصوير بالرنين المغناطيسي عن آفات جديدة في الدماغ أو الحبل الشوكي للأشخاص في المجموعتين، لكن الحجم الإجمالي للآفات لم يشهد زيادة. وفي حالة التصلب المتعدد، من المتوقّع أن يزيد حجم الآفات القائمة بمرور الوقت، وهو ما لم تتم ملاحظته في الدراسة. وتوضّح هذه النتيجة أن تمارين المقاومة قد تؤدي إلى استقرار أو تقلص الآفات المحددة سابقاً، ولكنها لا تمنع تكوّن آفات جديدة.

ومع ذلك فقد اكتُشفت النتيجة الأبرز عندما نظر الباحثون في حجم الأجزاء المختلفة للدماغ. فبينما لم يظهر أن الحجم الإجمالي للدماغ قد تأثر بتمرين المقاومة، لاحظ الباحثون تغيراً كبيراً في سُمك الجزء الخارجي من الدماغ، أو القشرة، عند بعض الأشخاص ذوي التصلب المتعدد. وهذا يُظهر أن التمارين كان لها تأثير واقٍ للأعصاب أو تأثير تجديدي على هذا الجزء من الدماغ.

وفي هذه الدراسة التمهيدية، ثبت أن تمارين المقاومة تعمل على تحسين الحركة وقدرات التفكير، وتحسين معايير العجز، وتقليل حجم الدماغ المفقود في أجزاء معينة من الدماغ. ولكن لأن هذه الدراسة لم يشارك فيها إلا 29 شخصاً من ذوي العجز المنخفض ممّن هم في مراحل مبكرة من تطور المرض، فلا بُد من النظر في تلك النتائج مع وضع ذلك بعين الاعتبار.

وكثيراً ما يُنصح الأشخاص ذوو التصلب المتعدد بإجراء تمارين منتظمة لمساعدتهم في إدارة حالتهم الصحية والحفاظ على الوظائف البدنية. فهذه النتائج المبكرة الواعدة، إذا تم تأكيدها في الدراسات الأوسع والأطول، تشير إلى أن تمارين المقاومة قد تساعد أيضاً في إبطاء تقدم التصلب المتعدد عند بعض الأفراد.

 

Page Tags: