مما يؤسف له أن التجارب السريرية الرئيسية قد أخفقت في إظهار أي فعالية للأدوية تتعلق بالتصلب المتعدد المتكرر الانتكاس والهدوء من حيث العمل على إبطاء تقدم العجز، ولا سيما لدى الأشخاص ذوي التصلب المتعدد المترقي الثانوي.

ومع ذلك، فلا يزال كثيرٌ من الأشخاص يستخدمون هذه الأدوية المضادة للالتهابات حتى بعد الانتقال إلى التصلب المتعدد المترقي الثانوي رغم عدم وجود دليل قوي على فائدتها.

وفي دراسة حديثة نُشرت في المجلة العلمية لطب الأعصاب (https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pubmed/28794248)، استخدم فريق دولي من الباحثين قاعدة بيانات الملاحظة السريرية الدولية القوية للغاية، المعروفة باسم قاعدة بيانات التصلب المتعدد (MSBase)، للبحث في بيئة العالم الحقيقي خارج نطاق التجارب السريرية، عن وجود دليل يدعم الاستخدام المتواصل لأدوية التصلب المتعدد في حالة التصلب المتعدد المترقي الثانوي.

وتتضمن قاعدة بيانات التصلب المتعدد معلومات سريرية تفصيلية حول التشخيص والأدوية والنتائج السريرية، بما في ذلك تقدُّم العجز، لما يزيد عن 52 ألف شخص لديهم تصلب متعدد من أكثر من 50 بلداً.

وفي هذه الدراسة التي قادها الدكتور جوهانز لورشيدر من جامعة ملبورن في أستراليا، جرى اختيار المرضى من قاعدة بيانات التصلب المتعدد الذين تم تشخيص حالتهم بالتصلب المتعدد المترقي الثانوي، حيث كان العدد الإجمالي 2381 شخصاً. ومن بين هذا العدد، كان 1002 من الأشخاص لا يتلقون أي علاج، بينما كان 1379 شخصاً يتلقون بعض أنواع العلاجات المعدلة للمرض في اليوم الذي استوفوا فيه معايير تشخيص التصلب المتعدد المترقي الثانوي.

وقد جرت مطابقة الأفراد بعناية مع جميع سمات المرض الأخرى. ونظر الباحثون في بيانات التقدم السريري للمجموعتين على امتداد فترة متابعة تزيد في متوسطها عن سنتين لمعرفة ما إذا كان هناك أي اختلافات. ولم يجد الباحثون إلا اختلافاً طفيفاً في نسبة المرضى الذين تعافوا من تقدم المرض بين المجموعتين، أما خطر تقدم المرض فقد كان متساوياً بين الأشخاص المتلقين للعلاج والأشخاص الذين لا يتلقون أي علاج. وبالإضافة إلى ذلك، فإن نسبة المرضى الذين عانوا من آفات جديدة في أثناء فترة المتابعة كانت متقاربة للغاية بين المجموعتين.

واستنتج الباحثون، أنه على المدى القصير، لا يبدو أن هناك فائدة في الاستمرار في استخدام أدوية التصلب المتعدد المتكرر الانتكاس والهدوء بعد الانتقال إلى التصلب المتعدد المترقي الثانوي.

ومع ذلك فمن المهم ملاحظة أن هذه الدراسة لم تقارن أي علاج بجميع أنواع العلاجات المعدلة للمرض معاً. وبالتالي، فهناك حاجة لإجراء مزيدٍ من الأبحاث لتحديد ما إذا كانت بعض أنواعٍ معينة من العلاجات، مثل بعض العلاجات الحديثة الشديدة الفعالية، يمكن أن تُحدث تأثيراً إذا جرى تحليلها بشكل منفصل.

كما أن آلية التحول من التصلب المتعدد متكرر الانتكاس والهدوء إلى التصلب المتعدد المترقي الثانوي لا يزال فهمها قاصراً. ولا يزال من غير الواضح ما إذا كانت نفس أجزاء الجهاز المناعي مُشارِكة في الانتكاسات وفي التقدم أم لا. وتضيف النتائج هنا دليلاً على النظرية القائلة بأن العلاجات المثبطة للمناعة بشكل عام لا توقّف تقدم العجز على الأقل على المدى القصير. وقد جرى متابعة المشاركين في هذه الدراسة لفترة زمنية قصيرة نسبياً، وهو الأمر الذي يمكن أن يكون قد حجب تأثيراً أكثر بطئاً على مدى أطول في الحد من التقدم. وأظهرت بعض الدراسات السابقة أنه قد يكون هناك “تباطؤ علاجي” في حالة التصلب المتعدد المترقي الثانوي، فقد تستغرق الأدوية وقتاً حتى تظهر آثارها، مثل ضغط مكابح شاحنة ضخمة تسير بسرعة كبيرة – إذ تستغرق وقتاً حتى تتوقف. وتُظهر بعض الدراسات أن هذا التباطؤ يمكن أن يصل إلى خمس سنوات قبل أن يظهر تأثير الدواء. وبالتالي، فهناك حاجة ماسة لإجراء دراسات طويلة المدى.

وبالرغم من هذه المحاذير، فإن هذه الدراسة تبرز الحاجة الماسة للتحديد الحقيقي لآليات المرض المترقي ووضع علاجات جديدة لوقف تقدم المرض. ويمثل تسريع وتيرة هذا العمل هدف المجموعة الدولية لمنظمات التصلب المتعدد التي اتّحدت لتشكيل التحالف الدولي للتصلب المتعدد المترقي، http://www.progressivemsalliance.org.