أدّت التطورات الحديثة في تقنية الطباعة الثلاثية الأبعاد إلى جعلها رخيصة التكلفة وقابلة للتسويق ورائجة الاستخدام. وقد استثمر المجتمع العلمي هذه التقنية في طباعة كل شيء بدءًا من الأوعية الدموية، وصمامات القلب والأذنين والهياكل المؤقتة وحتى إعادة بناء أعضاء بأكملها. وبات يستخدمها الآن مجموعة من علماء أمريكا الشمالية لإنتاج نموذج يعود بالفائدة على الأشخاص ذوي التصلّب المتعدد.

في هذه المقالة، المنشورة في مجلة ‏Nature‏ العلمية المرموقة، يشرح العلماء كيف استخدموا الطباعة الثلاثية الأبعاد لإنتاج محاور عصبية بشرية اصطناعية لدراسة آثار العلاجات المحتملة لإصلاح الميالين.

في التصلّب المتعدد، يُحدث الجهاز المناعي أضراراً بطبقة الميالين العازلة الموجودة على الألياف العصبية، مما يعطل قدرة الخلايا العصبية على إرسال الإشارات بكفاءة. وهناك تركيز كبير في أبحاث التصلّب المتعدد على الوصول إلى المركّبات التي ستؤدي إلى استعادة طبقة الميالين على الألياف العصبية. ومع ذلك، توجد عقبة ضخمة تواجه العلماء في إطار سعيهم للوصول إلى الجيل الجديد من علاجات التصلّب المتعدد وهي النفقات والوقت المطلوبين لاختبار تأثير الأدوية العديدة المحتملة على إصلاح الميالين.

منهجية مختلفة

يستخدم العلماء حاليًا في المعمل نُظماً متعددة لاختبار تأثيرات العلاجات على تكوّن الميالين. ومع ذلك، تعد هذه النماذج محدودة؛ لأنه يتم بناء بعضها من مواد أكثر قوة وصلابة من الأعصاب البشرية، مثل الزجاج، ويستخدم الآخرون خلايا عصبية حقيقية تنمو في طبق وهي طريقة غير عملية بسبب العدد الكبير للعلاجات المختلفة التي يجب اختبارها.

ومع ذلك، يكون “للمحاور العصبية” المطبوعة باستخدام التقنية الثلاثية الأبعاد، خصائص بدنية وحركية مماثلة للمحاور العصبية الموجودة في الدماغ البشري. يملك العلماء القدرة على تغيير خصائص المحاور العصبية الاصطناعية من أجل اختبار واكتشاف الأوجه المختلفة لعملية تكوين الميالين ومحاكاة كلا من المحاور العصبية السليمة والمتضررة.

ولإثبات أن المحاور العصبية المطبوعة باستخدام التقنية الثلاثية الأبعاد تعمل مثل النموذج الحقيقي، قام العلماء بزراعة خلايا تُنتج الميالين (الخلايا الدبقيّة القليلة التغصّن) في وجود تلك المحاور العصبية الاصطناعية. وكانت الخلايا الدبقيّة القليلة التغصّن قادرة على التوافق مع المحاور العصبية المطبوعة وإنتاج الميالين الذي يلتف حولها، وهو ما يعد محاكاة للعملية التي تحدث في الدماغ البشري. وجد الفريق أيضًا أن الألياف الأكثر ضيقًا وصلابة هي التي يتم تفضيل تغليفها بالميالين مقارنةً بالألياف الأكثر اتساعًا ومرونة.

يُعد هذا الاستخدام لهذه التقنية الدائمة التحسن مثيرًا للاهتمام. تمتلك المحاور العصبية المطبوعة باستخدام التقنية الثلاثية الأبعاد القدرة ليس فقط على مساعدة العلماء في الوصول لاكتشافات جوهرية تتعلق بعملية تكوين الميالين، ولكنها تفحص أيضًا مجموعات كبيرة من الأدوية المحتملة بطريقة سريعة منخفضة التكلفة، قبل الانتقال إلى التجارب البشرية.

شكر خاص لجمعية أبحاث التصلب المتعدد في أستراليا – المصدر الرئيسي لملخصات الأبحاث على موقعنا الإلكتروني.