ومن الأسئلة الرئيسية لبحوث التصلّب العصبي المتعدد هو كيفية انتقال خلايا جهاز المناعة إلى داخل الدماغ والحبل الشوكي والتسبب بالضرر.

وقد اكتُشف مؤخراً أن الأوعية اللمفاوية، وهي نظام تصفية المخلفات في الجسم، تتصل فعلاً بالدماغ وأنّ ذلك قد يوفر آلية ممكنة لخلايا جهاز المناعة للدخول إلى الدماغ في حالة التصلّب العصبي المتعدد.

أظهرت دراسة جديدة أن الأوعية اللمفاوية تُصرّف نفايات الدماغ وتسمح لخلايا جهاز المناعة بالانتقال عبر الجهاز.
وتعمل إعاقة وظيفة الأوعية اللمفاوية على تأخير المرض وتخفيفه في نموذج معملي للتصلّب العصبي المتعدد.

ينتج التصلّب العصبي المتعدد من هجوم يشنّه جهاز المناعة على الدماغ والحبل الشوكي، وتنفّذ الهجوم خلايا جهاز المناعة التي تستهدف غشاء الميالين الذي يغلّف الألياف العصبية. ومن الأسئلة الرئيسية لبحوث التصلّب العصبي المتعدد هو كيفية دخول خلايا جهاز المناعة بالضبط إلى الدماغ والحبل الشوكي وخروجها والتسبب بالضرر.

وكان العلماء يعتقدون سابقاً أن الدماغ كان العضو الوحيد غير المتصل بأوعية التصريف في الجسم المعروفة باسم الجهاز اللمفاوي. يتكوّن الجهاز اللمفاوي من شبكة من الأنابيب تُعرف باسم الأوعية اللمفاوية، وهي شبيهة بالأوعية الدموية، وتنقل السائل المعروف باسم ’اللمف‘ حول الجسم. يكون الجهاز اللمفاوي مسؤولاً عن تنظيف الجسم من المواد السمّية (التوكسينات) وتوفير المواد المغذّية للأنسجة، بينما يلعب أيضاً دوراً هاماً في المناعة. في عام 2015، اكتُشف أن الأوعية اللمفاوية كانت تتصل فعلاً بالدماغ وتحدّت الفهم القائم لدى الباحثين في التصلّب العصبي المتعدد للترابط بين الدماغ والجسم. وحظي هذا الاكتشاف باهتمام كبير، إذ كان يُعتقد أن الأوعية اللمفاوية قد توفّر طريقةً لخلايا جهاز المناعة للدخول إلى الدماغ وتُفضي إلى الضرر المتمثل في التصلّب العصبي المتعدد.

واليوم، فحص الفريق الذي اكتشف هذه الأوعية اللمفاوية في الدماغ بتفصيلٍ أوسع لكيفية ارتباط هذه الأوعية بالتسبب في التصلّب العصبي المتعدد. نُشرت الدراسة الجديدة في المجلة المرموقة ’الطبيعة – علم الأعصاب‘ Nature Neuroscience وتُظهر كيف أن الأوعية اللمفاوية في الدماغ تؤدي وظيفة مشابهة للأوعية اللمفاوية في أجزاء أخرى من الجسم، بتصريف نواتج المخلّفات من السائل النخاعي الدماغي (السائل المحيط بالدماغ والحبل الشوكي). وتُظهر أيضاً أن شبكة الأوعية تتوسع أكثر مما كان يُذكر سابقاً، وتتمدد عبر الأغشية الواقية لكل من الدماغ والحبل الشوكي.

المراقبة

توفّر الأوعية اللمفاوية أيضاً طريقةً تتولّى من خلالها خلايا جهاز المناعة مراقبةَ الدماغ. في هذه الدراسة، أظهر فريق البحث أنه بالاستعانة بشبكة الأوعية اللمفاوية، يمكن لخلايا جهاز المناعة أن تنتقل عبر الجهاز وتخرج عن طريق العقيدات اللمفاوية الموجودة أعلى الحبل الشوكي.

وتتحكم إشارات بيولوجية مختلفة بحركة خلايا جهاز المناعة في كامل الجسم. خلال الدراسة، تمكن الفريق من تحديد استجابة خلايا المناعة لإشارة بيولوجية تُعرف باسم (CCR7) للانتقال عبر الأوعية اللمفاوية في الدماغ. وأدّت إعاقة وظيفة التصريف عند الأوعية اللمفاوية في نموذج معملي للتصلّب العصبي المتعدد إلى تأخير بدء المرض ونتجت عنه أعراض أقل حدّة. لكنّ المرض لم يتوقف كلياً، مما يشير إلى وجود مجازات أخرى لخلايا جهاز المناعة تدخل من خلالها إلى الدماغ وتبدأ بإحداث الضرر.

يشكّل هذا العمل المرحلة الأولى من التحديد الدقيق لدور الجهاز اللمفاوي في الدماغ. ومن خلال الفهم الأفضل لطريقة تفاعل خلايا جهاز المناعة مع الدماغ، وعلى وجه الخصوص تحديد المجازات وتعديلها، يؤمل في أن يؤدي ذلك إلى فهمٍ أوسع لآليّات المرض.

شكر خاص لجمعية أبحاث التصلب المتعدد في أستراليا – المصدر الرئيسي لملخصات الأبحاث على موقعنا الإلكتروني.

Page Tags: